قامت مؤخراً منظمة amesterdam&partners المعنية بالتسويق لمدينة أمستردام وبالتعاون مع الفعاليات والنشاطات التجارية المحلية بإطلاق كتابٍ وموقع جديد يُدعى Untourist Guide to Amsterdam مليء بأفكار تهدف لجمع السياح والسكان المحليين وجعلهم أكثر قرباً، كما يهدف لتشجيع السياح لاستكشاف المناطق الغير مشهورة من مدينة أمستردام، ربما في محاولة لعلاج المشاكل الناجمة عن عدد السياح الكبير جداً.
يتضمن هذا الدليل نشاطاتاً متنوعة وفريدة من نوعها مثل رحلةٍ بالقارب يقودها اللاجئون القاطنون في المدينة، واصطياد البلاستيك المرمي في القناة النهرية، وأحد أغرب النشاطات الجديدة هو نشاط “تزوج شخصاً من أمستردام لمدة يومٍ واحد فقط”.
تقول (يونا رينز) مُؤسسة كنيسة Wed and Walk الموجودة في منطقة De Pijp في مدينة أمستردام حيث يمكن للسياح الزواج من شخصٍ محلي في طقوس زفافٍ خاصة تُقام هناك منذ عام 2015:
“الفكرة هي أن يقوم السياح ببناء علاقة مع السكان المحليين الذين يقطنون في المدينة لا أن يقوموا فقط بالاستمتاع واستهلاك المدينة”.
في العام الماضي قام حوالي 21 مليون شخص بزيارة أمستردام، وفي محاولةٍ للتعامل مع رقمٍ كبير من الأشخاص مثل هذا قامت المدينة بإطلاق حملات عديدة مثل حملة (استمتع واحترم) Enjoy and Respect والتي تم إطلاقها في شهر حزيران من عام 2018 والتي قامت بوضع غرامات على أعمالٍ ضارة كرمي النفايات والتبول في الأماكن العامة والطرقات.
هذا الدليل يتناول هذه المشكلة بطريقةٍ جديدة وإيجابية، حيث تصف (إيلينا سيمونز) وهي إحدى كتاب هذا الدليل هذا التدفق الكبير للسياح من جميع أنحاء العالم بـ:
“فرصة مثيرة جداً”.
وتقول:
“دعونا نقوم بشيءٍ ما للإستفادة من هذا القدر الكبير من الطاقة والتنوع، شيئاً مفيداً للجنس البشري، شيئاً ممتعاً بنفس الوقت”.
عُقد في الخامس من شهر حزيران الحالي الواقع في عام 2019 زفافٌ ضخم ما بين مجموعةٍ من السياح والسكان المحليين في كنيسة (بوستهورن) الواقعة قرب المحطة الرئيسية في المدينة، حيث يُمكن للسياح ابتداءً من شهر حزيران الحالي وحتى شهر كانون الثاني الدخول في مزادٍ لربح زوجٍ أو زوجة.
يبدأ هذا المزاد بسعر 100 يورو ويمكن للسائح اختيار الزوجة التي تُناسبه من قائمةٍ تتغير كل شهر، وبعد فوزه يتوجب على الزوجة خلال فترة شهر العسل المُمتدة ليومٍ كامل تعريف زوجها السائح على جانبٍ غير معروف من مدينة أمستردام، وبالطبع فالأمر ذاته ينطبق على زواج السائحة من زوجٍ أمستردامي.
سيقوم العمدة الليلي للمدينة (شاميرو) مثلاً بأخذ السياح لزيارة أماكن غير معروفة مخصصة للأنشطة الليلية، بينما ستقوم (ناتاشا) مثلاً وهي مُزارعة مدنية بتعريفك على أماكنها الخضراء والنباتية المفضلة في المدينة، وبالطبع يُمكن للأصدقاء وأفراد العائلة مرافقتك بهذه النشاطات بشرط أن يكون المبلغ الذي قمت بدفعه في المزاد كافياً لهم أيضاً وكافٍ لتغطية المبلغ الذي قمت بالتبرع به إلى الجمعيات الخيرية، بالطبع فالزوجة التي قمت بربحها في المزاد هي من تقرر الجمعية الخيرية.
بالطبع فزواجك من شخصٍ محلي لن يقوم بشكلٍ سحري بجعل مدينة أمستردام مكانٍ أفضل، لكن رمزياً فلهذا الزواج قيمة عاطفية كبيرة حقاً، حيث تقوم العروس مثلاً خلال الزفاف بالمشي على السجادة الحمراء وذلك على أنغام الموسيقا، كما أنّ تبادل الخواتم ثم العناق الذي يختم الطقوس عوضاً عن القبلة، وتوقيع عقد الزواج المؤقت بعد انتهاء الطقوس ثم الخروج إلى شوارع أمستردام الساحرة، لكل ذلك قيمة عاطفية كبيرة حقاً.
الكاتبة (ديبورا نيكولاس-لي) هي أحد الذين اختبروا هذه التجربة وكتبوا عنها، حيث قامت بالزواج ليومٍ واحد من شابٍ أمستردامي يُدعى (جوليان دو بيرون) يبلغ 30 عاماً من العمر، وقد كتبت واصفةً طقوس الزواج الساحرة المشابهة للتي قمنا بوصفها سابقاً، وتحدثت عن الطقس الساحر لأمستردام عند مغادرتهما للكنيسة كزوجٍ وزوجة حيث كانت شمس أمستردام تُشرق في لحظتها، وكيف قام سائقوا السيارات بإطلاق زمامير سياراتهم عند رؤيتهما تعبيراً عن فرحهم بزفافهما، وكيف قام سائحٌ فرنسي بالتوقف لالتقاط صورٍ لهما، وكيف قام زوجها لمدة يومٍ واحد (جوليان) بالتقاط غيتاره وعزف أغنية المغني (إد شيران) Thinking Out Loud لها.
وتقول (ديبورا) أنّ (جوليان) اقترح عليها بما أنّه موسيقيّ وهي كاتبة أن يقوما بالتعاون لكتابة أغنية حب مكرسة لمدينة أمسترام، ثم تصف كيف قامت بخلع فستان الزفاف وارتداء بنطال جينزٍ عادي وذلك لقيادات الدراجات الهوائية للتوجه إلى منطقة (أوست) في شرق أمستردام حيث يقع منزل (جوليان)، مبتعدين عن المناطق السياحية المعتادة.
هناك ذهب الزوجان السعيدان إلى حديقة منطقة (أوست) التي تتضمن بركةٍ وتراساتٍ،، وتصف (ديبورا) هذه الحديقة الساحرة بالمكان المناسب لصنع الموسيقا وذلك لكونها أقل ضجةً بكثير من باقي الحدائق الشهيرة كحديقة (فونديلبارك) مثلاً.
تجد (إيلينا) أنّ الهدف الرئيسي من فكرة الزواج هذه هي تحسين العلاقة بين السياح والسكان المحليين بالإضافة إلى تعريف السياح على مناطق أقل شعبية، حيث تقول:
“نقل السياح إلى أماكن غير معروفة له تأثيرٌ إيجابي، ومن المحزن أنّنا نعيش في عالمين منفصلين، فنحن نستخدم مركز المدينة ذاته لكن من النادر أن نتواصل”.
تُكمل (ديبورا) وصف تجربتها، حيث تخبرنا أنّه وبعد العديد من المحاولات لتأليف الأغنية التي اتفقا عليها يتوقف الاثنان ليكملا جولتهما في الحديقة وليُكملا استكشاف المنطقة، حيث تذكر أنّ (جوليان) قال لها:
“أنت تظن أنك تعرف المدينة بشكلٍ جيد جداً، لكن كل يوم تكتشف جزءاً جديداً”.
بعدها قام الزوجان الحديثان بالذهاب إلى سوق (دابر) وهو السوق المثير متعدد الحضارات حيث يقوم (جوليان) بشراء الخضار والفواكه وغيرها، ثم يذهبان إلى حانةٍ تُدعى Brouwerij ‘t IJ وهي عبارة عن تراسٍ كبير تقع أسفل أقدم طاحونة هواء في أمستردام، حيث قاما بشرب البيرة كنخبٍ لزفافهما.
يقول (نيكو مولدر) وهو أحد العاملين في منظمة amsterdam&partners:
“السياحة من الممكن أن تكون شيئاً أكبر بكثير من مجرد التقاط صورة سيلفي في أقنية أمستردام النهرية، أنا لا أقول أن الناس توقفوا عن زيارة متحف (فان كوخ) أو منزل (آن فرانك) لكن من الإيجابي رؤية السياح والسكان المحليين متحدين عوضاً عن رؤيتهم كأعداءٍ”.
ما رأيكم بهذه الفكرة الفريدة من نوعها؟ هل من الممكن أن تقوموا بتجربتها يوماً ما إن قمتم بزيارة مدينة أمستردام؟ وهل ترون أنّ شيئاً مشابهاً من الممكن القيام به في بلدكم؟
تعليقات فيسبوك