لاحظ مشاهدو التلفاز في الصين مؤخراً شيئاً غريباً، فقد ظهرت أذان عددٍ من النجوم الذكور على الشاشة وكأنها مشوشة رقمياً في محاولةٍ لتغطية أمرٍ ما، وعلى الرغم من أنّ التلفاز الصيني لم يصدر بياناً رسمياً يوضح فيه الأمر، لكن على ما يبدو فالتشويش يهدف إلى تغطية أقراط الأذنين الذي يرتديه هؤلاء الممثلين الذكور.
هذه الحادثة ليست غريبة فقد قامت العام الماضي الهيئة المنظمة لوسائل الإعلام الصينية بمنع المحطات التلفازية من عرض وشوم النجوم وأي شيءٍ آخر يُصنّف من ضمن ثقافة (الهيب هوب) أو الثقافة غير الأخلاقية، وذلك في محاولةٍ لتقليل التأثير الغربي على الثقافة الشعبية الصينية، ولذا كان من المتوقع أن تُمنع لاحقاً أقراط الرجال في المستقبل.
بدأ المشاهدين ملاحظة التشويش على أذان النجوم منذ بداية العام الجديد، وانتشر كنتيجةٍ لذلك الهاشتاغ #MaleTVStarsCantWearEarrings بشكلٍ كبيرٍ جداً وتداوله عشرات الآلاف من الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي الذين وجدوا أنّ هذه الخطوة تُعد تمييزاً على أساس الجنس.
فقد كتب أحد مستخدمي (ويبو) -وهو موقع تواصل اجتماعي مُستخدم كثيراً في الصين- منتقداً الخطوة قائلاً:
“هذا تنميط جنساني…. ويتجاهل تنوّع المجموعات المختلفة”.
بينما علّق المدون (تشين ساني) على الأمر قائلاً:
“هم يتحكمون بالمزيد من الأمور كل يوم، إن كانت ممثلة تملك شعراً قصيراً هل سيقومون بالتشويش على كامل رأسها؟ ماذا عن منع كافة أولئك الممثلات اللواتي يبدون وكأنّهم غير محددات الجنس؟”.
تم ملاحظة تشويش الأقراط في البداية على iQivi وهي منصة لبث الأفلام والمسلسلات على الإنترنت مشابهة لـ (نتفلكس) ذات شعبية كبيرة في الصين، لكن من المتوقع أن تحذو باقي الخدمات التلفازية حذوها قريباً فالقرار يبدو صادراً عن السلطات الرقابية الصينية على الرغم من عدم صدور بيانٍ رسمي، ويرجّح الخبراء أنّ هذا القرار يصب ضمن سياسية البلاد للحفاظ على الأنماط الجنسانية التقليدية.
في حديثٍ مع وكالة الأنباء CNN قالت (غرايس ليونغ) البروفيسورة في جامعة الصين في هونغ كونغ في كلية الصحافة والإعلام:
“هذه سياسة مستمرة تهدف لتنقية ثقافتهم الشعبية من التأثير الغربي وتقوية الصفات الذكورية الصينية، فالمجتمع الصيني مازال مجتمَعاً قائم على النظام الأبوي حيث مازال يوجد تسلسل هرمي في السلطة ما بين الرجال والنساء في العديد من المجتمعات المحلية، لذا فرؤية رجل يرتدي حلق تُعد من وجهة نظر العديد من الرجال التقليديين إهانة لمركزهم واحترامهم الاجتماعي”.
على الرغم من أنّ معظم التعليقات على الموضوع استنكرت التصرف والرقابة الحكومية، لكن هناك أيضاً من دعم هذا التصرف، حيث قال العديد أنّ ارتداء الممثلين للأقراط يجعل منظرهم يبدو غريباً وأنثوياً، فقد علّق أحد مستخدمي موقع (ويبو) قائلاً:
“أنا أدعم قرار الحكومة في هذا الشأن، فالرجال يجب أن يبدو كالرجال”.
بالطبع هذه السياسات ليست جديدة كما ذكرنا، ففي صيف عام 2017 طُلب من الممثلين الذكور عدم إطالة شعرهم، كما تم وضع قبعة على شكل حشرة الدعسوقة على رأس مغنية وذلك في فيديو لبرنامجٍ تلفازي من أجل تغطية شعرها وذلك لكونها قد صبغته بلونٍ بني.
قد يُجادل البعض أنّ من حق الحكومة الصينية فرض قوانين تصب في مصلحة المجتمع الصيني، لكن الكثيرون يرون أنّه من المستبعد أن يُشكّل الشعر المصبوغ وأقراط الأذن تهديداً مجتمعياً، ولإيضاح خطورة هذا الفعل من وجهي نظري أريد ذكر ما قاله الكاتب والباحث المغربي أحمد عصيد في حديثٍ صحفي:
“الفن لا يُقاس بمعايير الأخلاق أو الأديان والمعتقدات، وإنّما يقاس بالمعايير الجمالية، وأنّ كل رقابة على الفنان إنّما هي حَجْرٌ على حرية الإبداع، والحل أمّام هذا المشكل هو التزام المحافظين باحترام الحريات أولاً، ثم بإنتاج نموذجهم الفني الخاص، فالفن هو المجال الوحيد الذي لا يقبل أي نوع من الوصاية”.
هل من الممكن أن تحد هذه القوانين من الإبداع الفني في الصين؟ أم أنّ تأثيرها سيكون إيجابياً على المحتوى الفني؟ شاركونا آرائكم.
تعليقات فيسبوك